كَانَت الحَقِيبَةُ فِي وَسَطِ غُرفَةِ الجُلُوسِ. كَانَت عَجَلَاتُهَا سَودَاءَ وَلَامِعَةً وَبِدَون أَخدَاشٍ مِنَ الطَرِيقِ. حَزَمتُ مَايُّوهِي. خَطَّطنَا الرِحلَةَ.
عَمَّا قَرِيبٍ. فِي فَصلِ الخَرِيفِ. عِندَمَا نُكمِلُ المَشرُوعَ.
حَزَمتُ صَندَلِي. كَانَ الوَالِدُونَ يَحتَاجُونَ إِلَى مُسَاعَدَتِنَا. كَانَ الأَصدِقَاءُ يَطلَبُونَ مُسَاعَدَتَنَا.
بَعدَ الشِّتَاءِ. فِي فَصلِ الرَبِيعِ.
وَضَعتُ مِنشَفَةً مُزهَرَةً عَلَى أَرضِ غُرفَةِ الجُلُوسِ. اِرتَدَيتُ قُبَّعَةَ القَشِّ. قُلتُ: "لَا نَحتَاجُ إِلَى شَاطِئ. أَهَمَّ شَيءٍ هُوَ أَنَّنَا سَوِيًّا"
لَمَستُ مِعصَمَكَ شَدِيدًا, كَأَنَّ يَدِي كَصَفَدٍ, لِأَنَّنِي خِفتُ أَنَّكَ سَتَختَفِي. حَافَظَت أَصَابِعِي جِلدُكَ, حَافَظَت حَرَارَتَكَ وَشَعرَكَ الخَشِنَ.
قُلتَ: "لَازِم أَن أَذهَبَ إِلى مَكتَبِي."
وضَعنَا الحَقِيبَةَ فِي رُكنِ غَرفَةِ الجُلُوسِ.
عَمَّا قَرِيبٍ. فِي الفَصلِ الخَرِيفِ. فِي السَنَةِ القَادِمَةِ.
قُلتُ: "لَا تُوجَدُ مُشكِلَةٌ, أَهَمُّ شَيءٍ هُوَ أَنَّنَا سَوِيًّا."
لَم نُسَافِر. بَقِيَت الحَقِيبَةُ فِي الغُرفَةِ. لَم أَقدَر أَن أُفرِغَهَا. حَاوَلتُ أَن أَتَذَكَّرَ حَرَارَةَ مِعصَمِكَ
لَا أَخَافُ المَطَرَ البَارِزَ
أُوَاجِهُ السَّمَاءَ الرَّمَادِيَّةَ
وَأَضحَكُ عَلَى القَطرَاتِ
المَطَرُ المَرئِيُّ يُوقِفُ غَبَارَ الطَرِيقِ
وَلكَن لَا يُوقِفُنِي حِينَ أَمشِي عَلى الاسفَلتِ الأَسوَدِ
أَخَافُ المَطَرَ المُستَتِرَ
الَّذِي يَهطُلُ فَوقِي فَجأَةً
وَيَدفَعُنِي فِي ظَهرِي
وَيُغَرِّقُنِي
حِينَ جَسَدِي يَمشِي تَحتَ السَّمَاءِ الزَّرقَاءِ
أُنَادِي عَلَيكَ
وَأَتَسَوَّلُ إِلَيكَ أَن تَمسَحَ المَطَرَ الَّذِي لَا يُشَاهِدُهُ أَحَدٌ سِوَانِي
وَلَكِن لَا نَستَطِيعُ أن نَحكُمَ المَطَرَ
فَتُمسِكُ يَدِي وَتُذَكِّرُنِي أَن أَتَنَفَّسَ
وَتَقُولُ أَنَّنِي نَجَوتُ مِن كُلِّ الأَمطَارِ الّسَابِقَةِ بِدُون مِظَلَّةٍ
فَأَتَنَفَّسُ
حَتَّى عَودَةَ المَطَرِ
وَيَبرِزُ فِي السَّمَاءِ قَوسُ قُزحٍ
الَّذِي لَا يَشَاهِدُهُ أَحَدٌ سِوَاي
اِحذَرنِي
سَأُقَلِّبُ عَالَمَكَ
سَأَستَنفِدُ جَسَدَكَ
سَأَستَغِلُّ مَشَاعِرَكَ
سَتَكرَهُ نَفسَكَ لِأَنَّكَ قُلتَ لِي "نَعم"
سَتَتَمَنَّى أَنَّكَ لَم تَعرِفنِي
وَحِينَ أَختَفِي مِن حَيَاتِكَ
لِكَي أَبحَثَ عَن غَنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ
سَتَشتَاقُ إِلَيَّ
عُمرِي اِثنَتَا عَشَرَةَ سَنَةً
عِندِي كُلُّ الأشيَاءِ الَّتِي أَحتَاجُهَا
الأَكلَات وَالمَلابِس
وَلَكِن رُوحِي جَائِعٌ
وَقَلبِي بَارِدٌ
أَتَخَيَّلُ أَنَّ دَاخِلِي حَدِيقَةٌ
وَلَكِن كَلُّ الآخَرِينَ يَبدُونَ فُرَاغاً
وَيَظُنُّونَنِي فَارِغَةً
أَشتَاقُ إِلى مَكَانٍ بَعِيدٍ
كُنتُ أشعُرُ بِهَذَا الاِشتِيَاقِ كُلَّ حَيَاتِي
عُمرِي اِثنَتَا عَشَرَةَ سَنَةً
سَأُسَافِرُ إِلَى خَارِجِ البِلَادِ لِلأَوَّلِ مَرَّةٍ
أَتَمَنَّى أنَّ حَيَاتِي سَتَبدَأً فِي هَذَا السَفَرِ
أَتَمَنَّى أنَنِّي سَأَلقَى حَدَائِقاً
وَأَنَّ حَدِيقَتِي سَتُصبِحُ مَرئِيَّةً لِلأَوَّلِ مَرَّةٍ
نَحنُ فِي سَفِينَةٍ مَملُوءَةٍ مِن السِّيَاحِيِّينَ
تَقُولُ أُمِّي: إِحذَرِي, يُوجَدُ فِي السَفِينَةِ خَاطِفُونَ
البَحرُ هَادِئٌ
فِي الجِدَارِ خَارِجِ الدُّكَّانِ تَلتَصِقُ صُوَرُ نَشَّالِينَ
أَخَافُ أَنَّ وَاحِداً مِنهُم سَيَخطِفُنِي
أَخَافُ أَنَّ البَحرَ سَيَعصِفُ وَالسَّفِينَةُ سَتَقلِبُ
لَا أُرِيدُ أَن أَمُوتَ قَبلَ أَن تَبدَأَ حَيَاتِي
أَتَجَوَّلُ فِي الدُّكَانِ
أَقرَأُ إِعلَانَاتٍ بِلُغَاتٍ مُختَلِفَةٍ
أَسمَعُ مُكَالَمَاتِ أَشخَاصٍ مُختَلِفِينَ
أَلكَلِمَاتٌ جَدِيدَةٌ وَلَكِن كُلُّهَا فَارِغَةٌ مِثل فِي السُوِيدِ
أُخشَى أَنَّ لَا يُوجَدُ أَكثَرُ مِن هَذَا
تَبدَأُ حَدِيقَتِي أَن تَذبُلَ
سَتَختَفِي قَبلَ أَن يُشَاهِدُهَا لَا أَحَدٌ
مَا عِندِي أَمَلٌ أَنَّ حَيَاتِي سَتَبدَاُ
فَقَط أُرِيدُ أَن أَشعُرَ بِأَيِّ شَيءٍ
أُرِيدُ انَّ البَحرَ سَيَعصِفُ
أُنظُرُ إِلَى النَّشَّالِينَ مَرَّةً جَدِيدَةً
أَتَمَنَّى أَنَّ وَاحِدا مِنهُم سَيَخطِفُنِي
هَيَا بِنَا
حَيَاتُنَا غَالِيَةٌ وَوَقتُنَا قَصِيرٌ
لِنَخرُج مِن هَذَا المَتجَرِ
يَلا
المَتجَرُ كَبِيرٌ وَوَقتُنَا قَصِيرٌ
لِنَشتَرِي
أَحلَمُ بِأَثَاثٍ جَدِيدٍ
لِنَملَأ شَاحِنَتِنَا وَنُفرِغ مَحفَظَنَا
هيا بنا
لِنَخرُج ونَذهَب إِلَى الغَابَةِ
لِنَسمُع الطُّيُورَ
لِنَقرَأ قِصِيدةً
أَغلَى أشيَاءٍ فِي الحَيَاةِ مَجَاناً
يلا
أُنظُر إِلَى هَذِهِ الرُّفُوفِ
أُرِيدُ وَاحِداً فِي كُلِّ لَونٍ
ِوَلِكُلِّ يَومِ الأًسبُوعِ
هيا بنا
هَل تَتَذَكَّرُ حِينَ كُنَّا طِفلَينِ؟
أَحلَامُنَا كَانَت أَكبَرَ مِن الأَثَاثِ
أَحلَامُنَا لَم تَكُن لِلبَيعِ
أحلَامُنَا لَم تَجلِب نَهبَ الغَابَةِ
يلا
لِنَشتَرِي رُفُوفاً جَدِيدَةً
وَنَملَأُهَا بِكُتُبٍ لَن يَكُن لَدَينَا وَقتٌ لِقِرَاءَتِهَا
لِنَرمِي أَثَاثَنَا القَدِيمَ
وَنَشتَرِي أَثَاثاً جَدِيداً
الَّتِي سَنَرمِيهَا السَنَةَ القَادِمَةَ
هيا بنا
لِنَذهَب إِلَى الغَابَةِ
قَبلَ أَن تُنهِبَ لِكَي تُصبِحَ أُثَاثاً الَّذِي لَا نَحتَاجُهُ
لِنَملَأ غُرَفَ الرُّوحِ بِتَغرِيدِ الطُّيُورِ وَالشِعرِ
بَدَلَا مِن أن نَملَأ غُرَفَ بَيتِنَا بِقُمَامَةٍ
لِنَخرُج مِن هَذَا المَتجَرِ
إِلَى الأَبَدِ
عُمرِي اِثنَتَا عَشَرَةَ سَنَةً
أَشتَاقُ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ
كُنتُ أشعُرُ بِهَذَا الاِشتِيَاقِ كُلَّ حَيَاتِي
أُرِيدُ أَن أَترُكُ السُوِيدَ
الآن أَنَا فِي عُطلَةٍ مَعَ عَائِلَتِي
نَحنُ فِي سَفِينَةِ سِيَاحِيَّةٍ
يَختَفِي السُوِيدِ خَلفَ النَوَافِذِ
ٍأَنَا بَعِيداً مِن السُوِيدِ لِأَوَّلِ مَرَّة
أَتَجَوَّلُ فِي سُوقٍ حُرَّةٍ
أَشَمُّ العُطُورَ الغَالِيَةَ
أَسمَعُ مُنَاقَشَاتٍ بِلُغَاتٍ مُختَلِفَةٍ
العُطُورُ بِدُون رَائِحَةٍ
الكَلِمَاتُ فَارِغَةٌ
أَشعُرُ كَأَنَّنِي مَا زِلتُ فِي السُوِيدِ
أُرِيدُ أَن أَترُكُ السُوِيدَ
اِشتِيَاقِي أَقوَى مِمَّا كَانَ فِي أَيِّ وَقتٍ مَضَى